الحضور الذهني
اليقظة الذهنية هي عملية يقوم فيها الشخص بتركيز الانتباه على اللحظة الحالية وما فيها من مشاعر وأفكار بوعي وتقبل وهدوء دون حكم أو تقييم لأي تفاصيل في التجربة الحالية.
لماذا نحرص دائماً على قائمة المهام To Do
وننسى أن نكون To Be
من أهم الأمور التي نفتقدها في سير حياتنا السريع هو الشعور باللحظة والانغماس بها.. فنحن بحاجة إلى أن نهتم بهذا الجانب في حياتنا لما له من تأثير إيجابي على صحتنا النفسية وممارساتنا اليومية. في الواقع نقوم بعمل العديد من الأمور دون تركيز أو وعي ربما لأننا اعتدنا عليها ونعرف خطواتها بشكل أتوماتيكي وهو ما نطلق عليه وضعية الطيران الألي (AutoPilot).
على الأغلب أننا جميعاً وبشكل مستمر نقوم بكتابة قائمة المهام التي يجب فعلها كل يوم. وقد يجهدنا ذلك أحيانا لرغبتنا في إنهاء كل تلك الأمور خلال الاسبوع لعلنا نحظى بوقت نتفرغ فيه لأنفسنا لاحقاً. ولكننا نغفل أن الوقت ليس إلى جانبنا دائماً وأن ما نمضيه من لحظات سيذهب ونحن لا نستشعره. ولن نستطيع التحكم بكل المقاطعات من الأشخاص أو الأحداث والأمور الطارئة التي تداهمنا أحياناً
تقول كاتبة المقال Liz Lord أنها حضرت اجتماع للموظفين وكل موظف كان يشارك بقائمة المهام الطويلة التي أنهاها مؤخرًا. وما لاحظته هو أنه لم يذكر أي أحد منهم “كيف كان هو في موقف معين؟” كيف كان يتصرف؟ كيف كان كإنسان؟
لماذا نحرص دائماً على قائمة المهام To Do وننسى “أن نكون” To Be ؟!
ونحن نعلم جيداً كيف أن الوعي واستحضار اللحظه سيجعل توظيف قدراتنا الشخصيه مؤثراً وفعالاً على المواقف التي نمر بها وعلى حياتنا وعلاقاتنا وبالتالي على صحتنا النفسية وقدرتنا على العطاء.
فالسؤال السليم هنا: كيف أرغب أن أكون في هذا العالم؟ وكيف يمكن لهذا المفهوم أن يغير من إحساسي بالإنجاز في حياتي اليومية وفي عملي؟ وفي كثير من الأحيان لن نستطيع أن نتحكم بشيء سوى ردة فعلنا وسلوكنا في تلك اللحظه “كيف كنّا”
لذلك قررت أن أجرب هذه الفكرة وبدلاً من كتابة قائمة بالمهام، اكتب قائمة عن كيف أريد أن أكون، وليست مقتصرة على عبارات عامه مثل أن أكون لطيفة، مُهتمه، أو مُحبة .. ولكن عبارات محدده مثل:
أخصص وقت ومساحه للناس.
الا أقاطع المحادثات.
وأسمح للأشخاص بالتعبير عن أنفسهم .
انصت بشكل جيد.
أظهر اللطف بتصرفات بسيطة (كوب قهوة، افتح الباب لأحدهم أو بالابتسامة).
أقدّر الحوارات.
اكتب ايميلات شكر أكثر.
ألاحظ كل ما حولي دون التركيز على نفسي.
هل لاحظتم أن هذه القائمة ليست متعبه ولا مرهقه ولها نكهة خاصة ! وكلها ليس لها نهاية، ولن يتم إلغاءها من القائمة عند أدائها. فهي تعني أن قيمة الحياة في أن نفهم العالم حولنا والنَّاس، وأنه كلما ساعدنا أنفسنا في أن نتعمق في تلك الحكمة قدّرنا وجودنا في تلك اللحظة.
وأتذكر اقتباس قراءته لـ(Henry Nouwen):
I used to get irritated by interruptions to my day until I realized that interruptions WERE my day
في كل مرة اتذكر فيها هذه العبارة، عندما يقاطعني أحدهم وأنا منغمسة في العمل، أتوقف حينها واجعل من تلك المقاطعة شيء له معنى.. علاقات حقيقية تبنى، وتغيير يحدث. وببساطة هذه ليست مقاطعات فقط إنها طريقة الحياة في إظهار ما تخبئه لنا.
والان بعدما طبقت هذه الطريقة وركزت على أن أعيش الحاضر .. هل تأثرت قائمة مهامي To Do وقل عددها؟ لست متأكدة من ذلك. ولكن الشيء المؤكد أنه بهذه الطريقة زاد شعوري بقدرتي على التأثير، وأصبح التقبل والوعي باللحظة ينعكس على ردة الفعل البسيطة وحسّن من قدرتي على الشعور بالامتنان. لذا في المرة القادمة التي تكتب فيها قائمة بالمهام، ارفق معها قائمة “أن أكون”،وراقب ما يحدث.
ترجمة: مرام الراشد
أخصائي نفسي إكلينيكي
مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية - الرياض
http://oxfordmindfulness.org/news/mindfulness-everyday-life/