8 أسباب تجعل من الصعب عليك تغيير سلوكك

يعد تغيير السلوك على المدى الطويل أحد أصعب التحديات التي سنواجهها على الإطلاق!

إن تغيير سلوكنا يعتبر تحدي للهندسة البشرية الذاتية، والحديث هنا عن التغيير طويل الأمد والمستدام وليس عن الاندفاعات والأمنيات قصيرة المدى التي تتبخر قبل حدوث أي إشارة لتغيير حقيقي. سواءٌ كان التغيير يتضمن نظامًا غذائيًا، أو تمرينًا معينًا، أو عادات، أو أي شي آخر، فإن تغيير السلوك هو أحد أصعب الأشياء التي سيحاول أي أحد منا القيام به. 



فيما يلي ثمانية من الأسباب الرئيسية التي تجعل عملية تغيير السلوك صعبة جدًا:

1- تُحفزنا المشاعر السلبية.

في حين أنه من المعقول التفكير في أن المشاعر السلبية القوية، مثل: الندم، والعار، والخوف، والشعور بالذنب يجب أن تكون قادرة على تحفيز تغيير السلوك الدائم، إلا أن العكس هو الصحيح. وعلى الرغم من أن المشاعر السلبية قد تدفعنا إلى التفكير في كل شيء ينقصنا ولا نقوم به أو الشعور بأننا نرتكب خطأً .. إلا أن هذه المشاعر السلبية وقود مروع وسيء لإجراء تغيرات دائمة.

إحدى المراجعات البحثية – تضمنت 129 دراسة في مجال تغيير السلوك – تفيد بأن استراتيجيات التغيير الأقل فاعلية هي تلك التي تعتمد على الخوف والندم. وبقدر ما قد يبدو ما سنذكره مبتذلاً إلا أن التغيير الحقيقي يحتاج منصة إيجابية للانطلاق؛ أنت تحتاج أسباب إيجابية ولكي تقبل التحدي يجب أن يكون لديك سبب ودافع ذاتي للتغيير.


2- تحاصرنا المغالطات التفكيرية.

إن الشعور بالإرهاق أثناء محاولة تغيير السلوك يميل إلى تعزيز أسلوب التفكير (كل شيء أو لا شيء): " سوف أتحمل المسؤولية وأتغير، وإذا فشلت فهذا يعني أنني لا أستطيع فعل ذلك ". إذا كنت على وعي ودراية بالتحيزات والتشوهات المعرفية الخاصة بك، فإنك تعلم أن الوقوع في فخ التفكير بـ كل شيء أو لا شيء، هو أحد أخطاء التفكير الرئيسية. هذا النمط يوقعنا في فخ أخر وهو وضع أنفسنا في موقف لا يمكننا الربح منه ( مثل أن تشترك بنادي في بداية السنة متوقعًا أن تلتزم بالتمارين ثم تنطفئ شعلة حماسك لأيام، وتتوقف تمامًا عن الذهاب للنادي ظنًا منك أنك لن تستفيد لأنك لم تلتزم بكل أيام الاسبوع، فإما أن تذهب كل الأيام أو تتوقف تمامًا، بسبب فكرة " إما كل شيء أو لا شي")، إذا كنا نريد حقًا التغيير فإن أول ما يتعين علينا القيام به هو إزالة نمط التفكير كل شيء أو لا شيء من على الطاولة، بالإضافة إلى بعض أخطاء التفكير الأخرى.


3- نحاول أن نلتهم الفيل بأكمله!

يُعد تغيير السلوك أمرًا هامًا - بغض النظر عن السلوك - ، ومن غير الممكن تقريبًا القيام بتغيير السلوك كله مرة واحدة فقط. بل يجب علينا البدء من مكان ما وبإجراءات خاصة قابلة للقياس؛ الخطوات الكبيرة والغامضة يجب أن تفسح المجال للخطوات الصغيرة والمحددة، فبدلًا من قول " سأبدأ بممارسة الرياضة " يمكن القول " سأبدأ المشي الليلة بعد العمل لمدة 30 دقيقة في المكان/ الشارع الفلاني ".

يعتبر كل إجراء محدد خطوة كبيرة من عملية تغيير السلوك، وتؤدي مجموعة من هذه الإجراءات التي تتم ممارستها مع مرور الوقت إلى تغير تراكمي. وللمضي قدما مع هذه الإجراءات التراكمية، فإننا نحتاج إلى أهداف محددة والتي تشير أبحاث تغيير السلوك إلى أنها ضرورية للنجاح؛ لأننا نحتاج إلى أهداف أداء لقياس أنفسنا وفقًا لها، ولكن يجب أن تكون هذه أيضًا واقعية ومحددة.


4- نُهمل صندوق الأدوات

إذا كنت تريد إصلاح سيارتك فأنت بحاجة إلى الأدوات المناسبة؛ لماذا يبدو لنا تغيير أنفسنا أمرًا مختلفًا عن أي تغيير أخر؟! أيًّا كان المسمى الذي تطلقه على ما تحتاجه سواء أدوات أو أجهزة أو ما تشاء؛ النقطة المهمة هي أننا بحاجة إلى طرق معينة وموثوقة لدعم التغيير المستمر. يتطلب تغيير نظامنا الغذائي على الأقل، الحصول على المعرفة حول خيارات الأكل بطريقة صحية، بالإضافة إلى طرق عملية لتحقيق ذلك. ربما يتضمن جزء من الخطة الاحتفاظ بقائمة ورقية أو مفكرة في هاتفك، أو تذكير يومي في تقويم الهاتف أو أحد التطبيقات مثل Outlook. ستكون بعض هذه الأدوات خاصة لفرد معين، بينما يكون البعض الآخر منها متاح على نطاق واسع لأي شخص يحتاج إليها. كلنا بحاجة إلى صندوق أدوات يحوي دعامات نعتمد عليها لاستمرارية التغيير على المدى الطويل.


5- نحاول تغيير الكثير!

إذا كان يمكنك الالتزام بتغيير سلوك واحد فقط على المدى الطويل وجعله ثابتًا حقًا، فهذا أمر يستحق الثناء، لكن محاولة التعامل مع أكثر من سلوك في وقت واحد هي أسرع طريقة للتخلص منها جميعًا الى سلة المهملات!

إن المصادر التي نعتمد عليها لإحداث التغيير محدودة ( الانتباه، وضبط النفس، والتحفيز ... إلخ.)، وتعتبر محاولة تغيير الكثير مطالب غير واقعية تقع على كاهل هذه المصادر وخسارة لجهودنا في وقت مبكر. كما أننا ننسى أن المجالات الأخرى من حياتنا تستمر في الغزل والدوران وأنها بالتأكيد ستحتاج لهذه الموارد أيضًا، لذلك فحتى مجرد الالتزام بتغيير سلوك إضافي واحد يعتبر أمرًا مهمًا .


6- نقلل من شأن عملية التغيير 

إن التغيير ليس مجرد شيء واحد فقط، بل هناك الكثير من الأشياء المتصلة. والتغيير المستمر لا يحدث من غير عملية تأخذ في عين الاعتبار جميع الأجزاء. يمكنك الرجوع إلى بعض من نماذج تغيير السلوك ( مثل نموذج TTM ) وقضاء بعض الوقت في القيام بها فهو أمر يستحق العناء، ولكن النقطة الأهم هي أن تغيير السلوك طويل المدى ينطوي على خطوات. من السهل خداع أنفسنا بالاعتقاد أنه يجب أن يكون الأمر أبسط بكثير، لكن عندما يتعلق الأمر بتغيير السلوك فهو أمر ثقيل ويتطلب عملية وتحدي لتحريك أبسط العادات التي اعتدنا عليها.


7- ننسى أن الفشل هو عادة أمر مفروغ منه

إذا حاولت تغيير أمر ما وفشلت، فقد أثبت واحدة من أقوى الحقائق بتغيير السلوك وهي: الفشل لمرة واحدة على الأقل هو جزء من عملية التغيير، وربما تكون أكثر من مرة. الفشل يُظهر لك ما يستحق إنتباهك وطاقتك الان لاحقا وفي مراحل التغيير المستقبلية. لذلك أثبتت العديد من نماذج عمليات التغيير أن الفشل هو عامل مهم في هذه العملية ويشجع رواد تغيير السلوك على أن ينظر الشخص لتجربة الفشل كخطوة وبداية للتغيير وليست النهاية أو عذر كافي للتوقف.


8- لا نقدم أي التزام!

أخيرًا، بل والأهم من ذلك، أن أفضل ما تخبرنا به أبحاث تغيير السلوك هو أنه إذا لم نتعهد بإنجاز ما نريد إنجازه ونلتزم به فإن تحقيقه سيذهب أدراج الرياح. نحتاج إلى أداة التزام ومرسى نثبت به أهدافنا التي تُحدد بحزم ما سنفعله وكيف سنفعله.


رسالة إمعان :
تعثرك وسقوطك لا يعني نهاية حياتك إنما هي فرصة لتوسيع نطاق الادراك والرؤية لتشمل تجارب أخرى.. فلا تتوقف

مراجعة

فريق إمعان


ترجمة: ندى المهدي 

أخصائي نفسي اكلينيكي مساعد