العدد الرابع من نشرة امعان البريدية

العلاج المتمركز حول التعاطف


هدى عثمان الغامدي

أخصائية نفسية

يمكن أن يعرف التعاطف على أنه انفتاح محايد تجاه معاناة الذات والآخرين مع رغبة قوية في تخفيف المعاناة في جميع الكائنات الحية  يعتبر تنمية التعاطف مع الذات والآخرين أمرًا أساسيًا لعمليات تحمل المعاناة والتخفيف منها.

تم تطوير هذا النوع من العلاج (المتمركز حول التعاطف) للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية  غالبًا ما تنشأ من خلفيات إهمال ومؤذية للذات ونتيجة لذلك فإنهم يعيشون في عالم من التهديد الداخلي والخارجي على حد سواء و في أي مكان آمن.

 مثل هؤلاء الأفراد غالباً ما يكون لديهم تجارب قليلة للشعور بالأمان أو الهدوء ويكونوا غير قادرين على القيام بذلك لأنفسهم، فقد تم تطوير العلاج القائم على التعاطف لتستهدف على وجه التحديد تطوير تهدئة النفس والتعاطف الذاتي.

 اقترح الدكتور Paul Gilbertأن هناك ثلاثة أنواع رئيسية من أنظمة التنظيم العاطفي التي تعمل معا لتنظيم العواطف الأنظمة هي:


نظام التهديد والحماية الذاتية

الذي يهدف إلى إبقائنا على قيد الحياة من خلال تحديد التهديدات ,يخلق النظام مشاعر القلق أو الخوف أو الاشمئزاز استجابة للمنبهات التي يحتمل أن تكون مهددة فيستجيب الفرد أما بالأقدام أو الهروب.  أساس هذا النظام هو الموصل العصبي (السيروتونين)

 

نظام الحوافز

هذا النظام تحفيزي يدفعنا الى تحقيق الانجازات للحصول على مكافأة ما, على الأرجح أن هذا النظام له تأثير كبير من خلال نظام الموصل العصبي( الدوبامين) لدينا ؛  عندما يتعاطى الناس أدوية مثل الكوكايين والأمفيتامينات ، فهذا هو النظام الذي يستخدمونه.

 

نظام التهدئة :

يوصف بأنه الشعور بالرضا والهدوء والأمان الاجتماعي – وهي حالة سلمية. على سبيل المثال عندما لا يكون للحيوانات أي تهديد خارجي واحتياجتها كافية فإنها تدخل في حالة من الرضا.  تم تطوير نظام الرضا على وجه التحديد عندما يشعر الطفل بالجوع أو مواجهة خطر خارجي فيبدأ الطفل بالبكاء أو الذهاب لوالديه لتحقيق الشعور بالأمان على الأرجح يتم تنظيم سلوك الرعاية والتهدئة من خلال أنظمة الأفيونيات والأوكسيتوسين.

 

تم تصميم كل نظام من هذه الأنظمة الثلاثة للقيام بأشياء مختلفة ، ولكن تم تصميمها أيضًا للعمل معًا لتحقيق التوازن مع بعضها البعض والخلل في التوازن بين هذه الأنظمة الثلاثة هو مايمكن أن يسبب الاضطرابات النفسيه ،وغالبًا ما يرتبط بتخلف نظام التهدئة.

لقد كان التركيزعلى  تطوير العلاج القائم على التعاطف بسبب ملاحظة تميز علاقتنا مع بعضها البعض بقسوة وغياب التعاطف وكذلك وجود الخبرات المؤلمة، فيمكن أن تصبح كذلك علاقتنا مع أنفسنا قاسية، وذلك فيما يتعلق (بما نفكر به ونشعر به تجاه أنفسنا),  لقد هدفت التدخلات النفسية في العلاج المتمركز حول التعاطف إلى محاولة تعليم الإنسان كيفية تطوير التعاطف الذاتي كمضاد حيوي للنقد الذاتي المتطرف وإعادة توازن نظام التنظيم العاطفي باستخدام غرس مهارات جديدة للتعاطف الذاتي التي من شأنها أن تساعد المشاركين على البدء في التفكير بطريقة أكثر دفئًا وأكثر احتواء.

 

مقارنة مع العلاج المعرفي السلوكي:

 

يضع العلاج السلوكي المعرفي الكثير من التركيز على التفكير المنطقي, العديد من الطرق التي يقوم بها المعالج في  العلاج المعرفي السلوكي بمساعدة الناس في عمليات التفكير والاستنتاج في مواجهة المشاعر أو المخاوف القوية. وبالتالي قد تكون درجة التغيير إلى أي مدى يستطيع المعالجون إقناع شخص ما أو تشجيعه على التعمق في التفكير المنطقي وتجربة وجهات النظر البديلة. يمكن أن تؤثر العمليات التي تساعدنا في التخلص من التهديدات أو التعامل بطرق جديدة على الشعور بالهدوء والطمأنينة ومع ذلك، فإن التمكن من إزالة التهديد في أذهاننا من خلال التفكير المنطقي قد لا يهدئنا بالضرورة بمعنى أننا نشعر بالأمان والاتصال وأن يكون لدينا شعور بالانتماء. قد يشعر بعض الناس بأنهم قادرون على القيام بهذا "العمل المعرفي"، لكنهم ما زال لديهم شعور داخلي بالفراغ أو البرودة. تنشأ أهم المعاني في حياتنا من الأهداف الاجتماعية وأولئك الذين يرتبطون بها (على سبيل المثال، يشعرون بأنهم محبوبون ومطلوبون وجديرون بالاهتمام ويُقدَّرون من الآخرين). ومن الواضح في هذا النوع من العلاج  هو أن الدعم الاجتماعي  أمر مفيد ومهم للغاية بالنسبة لمدى سلامة أو تهديد العالم الذي نشعر به لذلك  الشعور بالهدوء والشعور بالأمان بشكل عام في العلاج القائم على التعاطف له جانب اجتماعي أكثر أهمية.

 



كيف تبني صور التعاطف الذاتي؟

يهدف هذا التمرين وهو من ضمن تمارين العلاج المتمركز حول التعاطف والذي يهدف للتعامل مع مشاعر القلق والغضب وأيضا انتقاد الذات والتعامل مع الخبرات السيئة.

يمكن لهذا التمرين أن يساعد الفرد على بناء صورة متعاطفة مع ذاته, و يمكنه العمل عليها وتطويرها وأن يبني أكثر من صورة حسب رغبته، ويمكن لهذه الصور أن تتغير في نفس الجلسة)، وينبغي أن تلاحظ أنه أياً كانت الصورة التي تتبادر إلى ذهنك أو تختارها للعمل عليها؛ فإنها من ابتداعك، وبالتالي تمثل فكرتك الشخصية لما تحبه فعلاً في الإحساس الذي يتولد عن الاهتمام لأمرك وتقدير قيمتك.

ولكن، من المهم في هذا التمرين أن تحاول إضفاء بعض الصفات المعينة على الصور في مخيلتك، وتتضمن هذه الصفات:

الحكمة والقوة والمودة وعدم التحامل أو اللوم

ولذلك، حاول أن تفكر، في كل هذا التمرين بهذه الصفات (أي الحكمة والقوة والمودة وعدم التحامل أو اللوم) وتخيل الكيفية التي ستبدو عليها هذا الصفات من ناحية الشكل والصوت والإحساس.

يفضل أن نبدأ بالتركيز على تنفسنا، والتعرف على إيقاعنا المهدئ الخاص، ورسم ابتسامة خفيفة على وجوهنا.

يمكننا بعد ذلك أن ندع الصور تظهر في ذهننا قدر الإمكان؛ ويجب ألا نرهق أنفسنا بالمحاولة أكثر من اللازم إذا لم يتبادر إلى الذهن أي صور أو إذا شرد ذهننا، بل الأفضل إعادته بلطف إلى مرحلة التنفس، وممارسة القبول مع شعور التعاطف.

فيما يلي بعض الأسئلة التي قد تساعدك في بناء صورة: هل ترغب بأن تظهر (تبدو/ تشعر) صورتك المراعية (الداعمة) كبيرة في السن أم شابة؛ ذكر أم أنثى (أو ذات مظهر غير بشري كأن تكون على شكل حيوان أو بحر أو نور). هل ترغب بأن تكون "صورتك" قد مرت بتجارب مماثلة لتجاربك؟

هل ستكون هذه الصورة على هيئة صديق أو ربما فرداً من فريق يرحب بانتمائك إليه؟ ما هي الألوان والأصوات المرتبطة بصفات الحكمة والقوة والمودة وعدم التحامل؟ تذكر أن صورتك تستجلب التعاطف الكامل لك ولأجلك.

 

  • كيف تريد أن تبدو صورتك المراعية- المتعاطفة المثالية من ناحية الشكل أي ما هي صفاتها المرئية؟

  • كيف تريد أن تبدو صورتك المراعية- المتعاطفة المثالية من ناحية الصوت أي ما هي نبرة صوتها مثلاً؟

  • ما هي الصفات الحسية الأخرى التي يمكن أن تمنحها لصورتك؟  

  • كيف يمكن أن ترتبط بك صورتك المراعية- الرؤوفة المثالية؟

  • كيف تريد أن ترتبط بصورتك المراعية- الرؤوفة المثالية؟